فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قراءة أصحاب عبد الله، ورأيتها في مصحف عبد الله بالثاء، وَقراءة الناس: {فَتَبَيَّنُوا} وَمعناهما متقارب؛ لأن قوله: {فَتَبَيَّنُوا} أمهلوا حتى تعرفوا، وَهذا معنى تثبتوا. وَإنما كان ذلك أن النبي صلى الله عليه بعث عاملًا على بنى المصطلق ليأخذ صدقاتهم، فلما توجه إليهم تلقوه ليعظموه، فظن أنهم يريدون قتاله، فرجع إلى النبي صلى الله عليه فقال: إِنهم قاتلونى، وَمنعونى أداء ما عليهم فبينما هم كذلك وقد غضب النبي صلى الله عليه قدم عليه وَفد بنى المصطلق فقالوا: أردنا تعظيم رسول رسول الله، وَأداء الحق إِليه، فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وَلم يصدقهم؛ فأنزل الله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَثَبّتُوا} إلى أخر الآية، وَالآية التي بعدها.
{وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
وقوله: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ}.
ولم يقل: اقتتلتا، وَهى في قراءة عبد الله: {فخذوا بينهم} مكان فأصلحوا بينهم، وَفى قراءته: {حتى يَفِيئُوا إلى أمر الله فإن فاءوا فخذوا بينهم}.
وقوله: {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}.
ولم يقل: بين إخوتكم، وَلا إخوانكم، وَلو قيل ذلك كان صوابا.
وَنزلت في رهط عبد الله بن أبى، وَرهط عبد الله بن رواحة الأنصارى، فمر رسول الله صلى الله عليه على حِمار فوقف على عبد الله بن أبى في مجلس قومه، فراث حمار رسول الله، فوضع عبد الله يده على أنفه وَقال: إليك حمارك فقد آذانى، فقال له ابن روَاحة: أَلِحِمارِ رسول الله تقول هذا؟ فوالله لهو أطيب عِرضا منك وَمن أبيك، فغضب قوم هذا، وَقوم هذا، حتى اقتتلوا بالأيدى وَالنعال، فنزلت هذه الآية.
وَقوله: {فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي} التي لا تقبل الصلح، فأصلح النبي صلى الله عليه بينهم.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وقوله: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ}.
نزلت في أن ثابت بن قيس الأنصارى كان ثقيل السمع، فكان يدنو من النبي صلى الله عليه ليسمع حديثه، فجاء بعد ما قضى ركعة من الفجر، وَقد أخذ الناس أماكنهم من رسول الله فجعل يتخطى وَيقول: تفسحوا حتى انتهى إلى رجل دون النبي صلى الله عليه، فقال: تفسح، فقال له الرجل: قد أصبت مكانا فاقعد، فلما أسفر قال: من الرجل؟ قال: فلان بن فلان، قال: أنت ابن هَنَةٍ لأُِمٍّ له، قد كان يعير بها؛ فشق على الرجل، فأنزل الله عز وجل: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مِّنْهُمْ} وهى في قراءة عبد الله فيما أعلم: {عَسَوا أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساء من نساء عسَين أن يكنَّ خيرًا منهن}.
ونزل أيضًا في هذه القصة: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا}. والشعوب أكبر من القبائل، وَالقبائل أكبر من الأفخاذ {لِتَعَارَفُواْ}: ليعرف بعضكم بعضا في النسب {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ} مكسورة لم يقع عليها التعارف، وهى قراءة عبد الله: {لتعارفوا بينكم وخيركم عند الله أتقاكم}؛ فقال ثابت: والله لا أفاخر رجلًا في حسبه أبدًا.
وقوله: {وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ}.
لا يَعب بعضكم بعضًا، ولا تنابزوا بالألقاب: كان الرجل يقول للرجل من اليهود وقد أسلم: يا يهودى! فنُهوا عن ذلك؛ وَقال فيه: {بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإَيمَانِ} ومن فتح: أن أكرمكم فكأنه قال: لتعارفوا أن الكريم المتقِى، ولو كان كذلك لكانت: لتعرفوا أن أكرمكم، وجاز لتعارفوا ليعرِّف بعضكم بعضا أن أكرمكم عند الله أتقاكم.
وقوله: {وَلاَ تَجَسَّسُواْ}.
القراء مجتمعون على الجيم؛ نزلت خاصة في سلمان، وكانوا نالوا منه.
وقوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ}.
قال لهم النبي صلى الله عليه: أكان أحدكم آكلًا لحم أخيه بعد موته؟ قالوا: لا! قال: فإن الغيبة أكل لحمه، وهو أن تقول ما فيه، وإذا قلت ما ليس فيه فهو البَهْت ليست بغيبة فكرهتموه أي فقد كرهتموه، فلا تفعلوه.
ومن قرأ: {فكُرِّهتموه} يقول: قد بُغِّض إليكم والمعنى والله أعلم- واحد، وهو بمنزلة قولك: مات الرجل وأُميت.
وقوله: {قالتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَاكِن قولواْ أَسْلَمْنَا}.
فهذه نزلت في أعاريب بنى أسد؛ قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعيالاتهم طمعا في الصدقة، فجعلوا يروحون ويغدون، ويقولون: أعطنا فإنا أتيناك بالعيال والأثقال، وجاءتك العرب على ظهور رواحلها؛ فأنزل الله جل وعز: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ}؛ (وأن) في موضع نصب لأنها في قراءة عبد الله: {يمنون عليك إِسلامهم}، ولو جعلتَ: {يَمُنُّونَ عَلَيْك لأنْ أَسْلَمُوا}، فإِذَا ألقيت اللام كان نصبًا مخالفا للنصب الأول.
وقوله: {أَنْ هَداكُمْ}، وفى قراءة عبد الله: {إذ هداكم}.
فـ (أن) في موضع نصب لا بوقع الفعل، ولكن بسقوط الصفة.
وقوله: {لاَ يَلِتْكُمْ}.
لا ينقصكم، ولا يظلمكم من أعمالكم شيئًا، وهى من لات يليتُ، والقراء مجمعون عليها، وقد قرأ بعضهم: {لا يَأْلِتْكم}، ولست أشتهيها؛ لأنها بغير ألف كتبت في المصاحف، وليس هذا بموضع يجوز فيه سقوط الهمز؛ ألا ترى قوله: (يأتون)، و(يأمرون)، و(يأكلون) لم تلق الألف في شيء منه لأنها ساكنة، وإنما تلقى الهمزة إذا سكن ما قبلها، فإذا سكنت هي تعنى الهمزة ثبتت فلم تسقط، وإنما اجترأ على قراءتها {يألتكم} أنه وجد {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} في موضع، فأخذ ذا من ذلك؛ فالقرآن يأتى باللغتين المختلفتين؛ ألا ترى قوله: {تُمْلَى عَلَيْهِ}. وهو في موضع آخر: {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِل}. ولم تحمل إحداهما على الأخرى فتتفقا ولات يليت، وألَت يألِتُ لغتان قال حدثنا محمد بن الجهم بن إبراهيم السمرى قال حدثنا الفراء. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة الحجرات:
{لا تقدموا} لا تتقدموا، كما يقال: عجل في الأمر وتعجل. وقيل: معناه لا تقدموا أمرًا على ما أمركم الله به فحذف المفعول.
{أن تحبط عمالكم} بمعنى فتحبط أعمالكم، أو معناه: أن لا تحبط، أي: لئلا تحبط. الإحباط في الحسنات في مقابلة الغفران للسيئات، فكما أن المغفرة تستر الذنوب، حتى كأنه لم يكن، فكذلك يعمل الإحباط بالطاعات.
{امتحن الله قلوبهم للتقوى} أخلصها. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أذهب الشهوات عنها».
{الحجرات} والحجرات كلاهما جمع حجرة. ويجوز أن تجمع حجرة على حجر، ثم الحجرات جمعها.
وذكر الفرزدق هذه الحجرات في شعره، وعنى به بني هاشم فقال:
أما كان عبادًا كفيًا ** لدرام بلى ولأبيات بها الحجرات

{لعنتم} للقيتم مشقة، هذا أصله. ثم لفظ المفسرين مختلف: أثمتم، عن مقاتل.
وهلكتم، عن مجاهد. وحرجتم، عن الكلبي.
{حتى تفيء إلى أمر الله} ترجع إلى الصلح الذي أمر الله به. وقيل: ترجع إلى كتاب الله.
{فأصلحوا بين أخويكم} [10] لفظها التثنية، ومعناها الجماعة. أي: كل اثنين فصاعدًا من المسلمين، إذا اقتتلا فأصلحوا بينهما، ففيه شيئان: لفظ التثنية يراد به الجماعة، ولفظ الإضافة بمعنى الجنس، وكلاهما جاء، نحو: لبيك وسعديك، فليس المراد إجابتين، ولا إسعادين، ولكن معناه كما قال الخليل: أي: كلما كنت في أمر فدعوتني له أجبتك إليه، وساعدتك عليه، ومنه قول جرير:
وما أنت إن قرما تميم تساميا ** أخا التيم إلا كالوشيظة في العظم

ولو كنت مولى العز أو في ظلاله ** ظلمت ولكن لا يدي لك بالظلم

ومعلوم أنه لا ينفي قوتين اثنتين، وإنما ينفي جميع قواه. وكذلك قوله عز وجل: {بل يداه مبسوطتان} فإن نعم الله أكثر من أن تحصى. وفي شعر الهذليين:
إذا شق برد شق بالبرد مثله ** دواليك حتى ليس للبرد لابس

أي: مداولة، كما قال العجاج:
ضربًا هذاذيك وطعنًا وخضا

أي: هذا بعد هذ، لا هذين اثنين. وأما إفادة المضاف لمعنى الجنس فكقولهم: «منعت العراق قفيزها ودرهمها»، أي: قفزانها ودراهمها، وكذلك قوله: (بل يداه).
{لا يسخر قوم من قوم} [11] القوم: الرجال خاصة، كما قال زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري ** أقوم آل حصن أم نساء

{ولا تلمزوا أنفسكم} لا تعيبوا إخوانكم. قال المبرد: اللمز باللسان وبالإشارة، والهمز بالإشارة لا باللسان. وقال ثعلب: الهمز في الوجه، واللمز في القفا، وأنشد:
إذا لقيتم عن شحط تكاشرني ** وإن تغيبت كنت الهامز اللمزة

{ولا تنابزوا بالألقاب} قيل: إن النبز هو اللقب الثابت. وقيل: القرف بالقبيح الذي يثلم العرض. وهذا أصح، لأن النهي عن التنابز، لا عن الألقاب، مثل: ألقاب الملوك، وهذا كالقول: (لا تراموا بالحجارة) لا يكون نهيًا عن البناء بالحجارة.
{إن بعض الظن إثم} [12] قيل: إنه ظن السوء، لما يوقع صاحبه فيه من الاهتمام في نفسه، وإلحاق الضرر بغيره. كما قيل: الحسن الظن مستريح، يغتم من ظنه قبيح.
وقيل: إنه الظن في موضع إمكان العلم، وإلا فالظن في موضع الظن كالعلم في موضع العلم، ولهذا قال: {إن بعض الظن} وقال بلعاء بن قيس في الظن الصائب:
وأبغي صواب الظن أعلم أنه ** إذا طاش ظن المرء طاشت مقادره

وقال أبو الفضة:
فإن لا يأتكم خبر يقين ** فإن الظن ينقص أو يزيد

وقال البرجمي:
وفي الشك تفريط وفي الحزم قوة ** ويخطئ في الظن الفتى ويصيب

{ولا تجسسوا} [12] لا تتبعوا عثرات الناس. وقيل: لا تبحثوا عما خفي، كما قال الشاعر:
تجنبت سعدى أن يشيد بذكرها ** إذا زرت سعدى الكاشح المتجسس

{أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا} أي: كما يكره لحم أخيه الميت بطبعه، ينبغي أن يكره اغتيابه بعقله، بل أولى، لأن داعية الطبع عمياء جاهلة، وداعية العقل بصيرة عالمة. وفي معناه للمقنع الكندي:
إذا ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم ** وإن هم هووا غيي هويت لهم رشدا

وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم ** وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

{وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا} [13] نبه تعالى على علة اختلاف القبائل أنها للتعارف لا للتفاخر.
والشعوب: جمع شعب، وهو اسم الجنس لأنواع الأحياء، ثم أخص منها القبائل، ثم العمائر، ثم البطون، ثم الأفخاذ، ثم الفصائل، ثم العشائر. فالشعب: مثل مضر، والقبيلة: مثل كنانة، والعمارة: مثل قريش، والبطن: مثل هاشم، والفخذ: مثل بني المطلب، والفصيلة: مثل العلوية والعباسية، والعشيرة: مثل الحسنية والحسينية.
{قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} [14] معناه: أنهم وإن صاروا ذوي سلم، وخرجوا من أن يكونوا حربًا بإظهار الشهادتين، فإنهم لم يصدقوا، ولم يثقوا بما دخلوا فيه، فكأن الإسلام من السلم، والإيمان من الثقة والتصديق.
{لا يلتكم} ولا يألتكم، يقال: ألت يألت ألتًا، وولت يلت ولتًا، ولات يليت ليتًا، وألت يؤلت إيلاتًا، ومنه (ليت) للمتمني، لأنها تقال عند انتقاص المراد، فمعناها: لا ينقصكم ولا يظلمكم من أعمالكم شيئًا.
تمت سورة الحجرات. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة الحجرات:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقول كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ}.
قال: {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} أي: مخافة أَنْ تَحْبِطَ أَعْمالُكُم. وقد يقال: اسْمُكِ الحائِطَ أَنْ يَمِيلَ.
{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وقال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ} فكسر لأنه ابتداء ولم يحمله على {لِتَعَارَفُواْ}. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الحجرات مدنية كلها.
1- {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي لا تقولوا قبل أن يقول رسول اللّه، صلى الله عليه وسلم. يقال: «فلان يقدم بين يدي الإمام وبين يدي أبيه»، أي يعجل بالأمر والنهي دونه.
2- {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقول كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} أي لا ترفعوا أصواتكم عليه. كما يرفع بعضكم صوته على بعض. {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ} أي لئلا تحبط أعمالكم.
3- {امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى} أي اخصلها للتقوى.
5- {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ} واحدها: حجرة، مثل ظلمة وظلمات. ويقرأ حجرات، كما قيل: ركبات وينشد هذا البيت:
ولما رأونا باديا ركباتنا ** على موطن لا نخلط الجد بالهزل.

7- {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} من العنت وهو: الضرر والفساد.
9- {حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ} أي ترجع.
{وَأَقْسِطُوا}: اعدلوا.
11- {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا تعيبوا إخوانكم من المسلمين.
{وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ} أي لا تتداعوا بها و(الألقاب) و(الأنبار) واحد.